الكاتبة : آية عادل
في حادثة مؤلمة هزّت الرأي العام المغربي والعربي، توفيت البلوجر المغربية سلمى تيبو، المعروفة بحضورها النشط على منصات التواصل الاجتماعي، يوم الإثنين الماضي 14 يوليو عن عمر ناهز 29 عامًا، وذلك بعد أيام قليلة من خضوعها لعملية جراحية معقدة في المعدة بأحد المستشفيات التركية.
من منصة التأثير إلى صمت الغياب
سلمى تيبو، التي تجاوز عدد متابعيها على تطبيقات "إنستجرام" و"تيك توك" مليون ونصف متابع، لم تكن مجرد صانعة محتوى، بل كانت ملهمة لكثيرين من خلال توثيقها لحياتها اليومية بابتسامتها التي أخفت خلفها معاناة نفسية عميقة، بسبب حملات التنمر الإلكتروني والسخرية القاسية من وزنها ومظهرها الخارجي.
ورغم محاولاتها التكيف مع النقد اللاذع، اختارت سلمى أن تخوض معركة جسدية ونفسية جديدة عبر إجراء عملية تحويل مسار المعدة في تركيا، أملًا في بداية جديدة تنهي سخرية الآخرين وتعليقاتهم الجارحة. لكن الرياح لم تجرِ بما اشتهته، فسرعان ما ظهرت مضاعفات خطيرة تدهور معها وضعها الصحي، لتنتهي رحلتها بعد أيام من العملية.
موجة حزن وغضب تعم منصات التواصل الاجتماعي
خبر وفاة سلمى انتشر كالنار في الهشيم، وحوّل حساباتها إلى فضاء مفتوح للحزن والدعاء. وقد نشرت عائلتها بيانًا عبر خاصية القصص (ستوري) على "إنستجرام" جاء فيه: "شكرًا لكل من أرسل تعزية. أختكم التي شاركتكم الحلو والمر، لا تنسوها من دعائكم. الحمد لله على كل حال."
في المقابل، لم تخمد العاصفة الرقمية عند حدود الحزن، بل تحوّلت إلى منصة محاسبة، إذ وجّه عدد من المتابعين اتهامات مباشرة إلى زوج الراحلة، مشيرين إلى أنه كان جزءًا من دائرة الضغط النفسي التي دفعت سلمى إلى قرار الجراحة. وتداول رواد السوشيال ميديا مقاطع تظهره منهارًا بالبكاء فور تلقيه خبر وفاتها، لكنها لم تشفع له أمام الاتهامات التي طالته بأنه كان أحد مسببي الألم النفسي لها.
عملية جراحية أم جريمة معنوية؟
بحسب تقارير إعلامية مغربية، أُجريت العملية في عيادة خاصة بتركيا دون الكشف عن تفاصيل دقيقة بشأن التجهيزات الطبية أو الطاقم المعالج، فيما اكتفت العائلة بالصمت، ما زاد من غموض المشهد، وفتح الباب أمام تكهنات وتساؤلات حول مستوى الرعاية الطبية التي تلقتها.
لكن ما بدا مؤكدًا للمتابعين هو أن السبب الحقيقي لوفاة سلمى لم يكن طبيًا فقط، بل أخلاقيًا أيضًا، حيث تسببت حملات التنمر والسخرية في دفعها نحو خيار محفوف بالمخاطر، كما كتب أحدهم: "أنتم لم تقتلوها بسكين، بل دفعتموها إلى النهاية بكلماتكم المسمومة."
وفاة سلمى تيبو.. ناقوس خطر ضد التنمر الإلكتروني
تحوّلت مأساة سلمى إلى قضية رأي عام أعادت طرح أسئلة صعبة حول أخلاقيات التفاعل الرقمي، وحدود النقد، وتأثير الكلمات على النفس البشرية. وأجمع المغردون أن رحيل سلمى يجب ألا يُنسى بسهولة، بل يُستثمر كدافع لوضع قوانين أكثر صرامة ضد العنف اللفظي والتنمر على الإنترنت.
كما علق أحدهم قائلًا: "هذه ليست مجرد وفاة، بل جرس إنذار لمجتمع بأكمله.. سلمى ماتت لأن الناس صاروا أقسى من الألم نفسه."
خاتمة: ما بعد سلمى تيبو؟
وفاة سلمى تيبو ليست مجرد قصة حزينة عن فشل طبي، بل صرخة مدوية ضد ثقافة السخرية والتنمر التي باتت تحاصر الأفراد من كل اتجاه. لقد خسرنا شابة ملهمة بسبب جراحة، لكنها بدأت أساسًا بسبب كلمات. والدرس الأهم هو أن الكلمة مسؤولية، وأن خلف كل ابتسامة على الإنترنت، قد تكون هناك دمعة لا يراها أحد.