الكاتبة : آية عادل

شهدت الولايات المتحدة الأميركية تصاعدًا مقلقًا في حالات الإصابة بمرض الحصبة خلال الأيام الماضية، في ما يُعد أحد أسوأ موجات تفشي المرض التي شهدتها البلاد في السنوات الأخيرة؛ فوفقًا للبيانات الرسمية الصادرة عن مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، ارتفع عدد الإصابات المؤكدة في ولاية تكساس وحدها إلى 683 حالة حتى الأول من مايو/أيار، بزيادة قدرها 20 حالة فقط خلال ثلاثة أيام منذ 29 أبريل/نيسان.

ويعكس هذا التسارع في الانتشار خطرًا متناميًا على الصحة العامة، خصوصًا أن المرض يصيب بشكل رئيسي الأطفال، وقد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة تصل إلى حد الوفاة في بعض الحالات، خاصة لدى غير المُطَعّمين أو أصحاب المناعة الضعيفة.

 وبحسب مراكز CDC، تم تسجيل 935 إصابة مؤكدة في 30 ولاية ومنطقة أميركية حتى مطلع مايو الجاري، ما يمثل إنذارًا مبكرًا لما يمكن أن يتحول إلى وباء واسع إذا لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة للحد من انتشاره.

عودة الحصبة في عصر اللقاحات

يُعد هذا الارتفاع في الإصابات مؤشراً خطيراً على التراجع الملحوظ في معدلات التطعيم، حيث أشارت تقارير صحية سابقة إلى أن بعض المجتمعات الأميركية تشهد انخفاضًا في نسب تلقي لقاح الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية (MMR)، نتيجة انتشار المعلومات المغلوطة حول اللقاحات، أو بسبب الحواجز الثقافية والدينية في بعض المناطق.

وقالت متحدثة باسم مراكز السيطرة على الأمراض إن "الوضع الحالي يشكل خطرًا حقيقيًا على الأطفال غير المحصنين، وعلى كل من يعاني من ضعف في الجهاز المناعي"، مؤكدة أن "اللقاح آمن وفعال بنسبة تتجاوز 97%، ويمنع الإصابة بالمرض ومضاعفاته الشديدة".

تكساس في قلب العاصفة

ولاية تكساس التي تسجل أعلى عدد من الإصابات حتى الآن، تعد واحدة من الولايات التي شهدت في السنوات الأخيرة ارتفاعًا في عدد الأسر الرافضة لتطعيم أبنائها، لأسباب دينية أو شخصية، وهو ما جعلها أكثر عرضة لتفشي أمراض يمكن الوقاية منها باللقاح.

وقد بدأت السلطات الصحية في تكساس حملة ميدانية موسعة لتوعية السكان بضرورة التلقيح، كما تم تخصيص مراكز طبية متنقلة في المناطق الريفية والمحرومة لتوفير اللقاحات مجانًا.

القلق من الانتشار المدرسي

  وتشكل عودة الطلاب إلى المدارس مصدر قلق إضافي للسلطات الصحية، لا سيما وأن المدارس هي بيئة خصبة لانتشار الحصبة، نتيجة التقارب الجسدي وسهولة انتقال الفيروس عبر السعال والعطس، ولهذا دعت إدارات التعليم في بعض الولايات إلى مراجعة سجلات التطعيمات، واتخاذ تدابير احترازية تشمل العزل المؤقت للطلاب المصابين، وتعليق الدوام في حال حدوث تفشي داخل الفصول الدراسية.

دعوات إلى التشديد على التطعيم

  وفي مواجهة هذه الأزمة، طالب مسؤولون في القطاع الصحي بضرورة تشديد القوانين المتعلقة بالتطعيم الإجباري في المدارس، ووضع قيود على الإعفاءات غير الطبية، باعتبارها أحد العوامل التي تضعف المناعة المجتمعية (Herd Immunity).

وأكدت مراكز السيطرة على الأمراض أن القضاء على الحصبة ممكن من خلال رفع معدلات التطعيم إلى ما فوق 95%، داعية الآباء إلى تحمّل مسؤولياتهم في حماية أطفالهم ومجتمعهم.