الكاتبة : آية عادل

في ظل استمرار الحصار الإسرائيلي الخانق على قطاع غزة، تتوالى فصول المأساة الإنسانية التي يعيشها أكثر من 2.4 مليون فلسطيني محاصَر، وسط تقارير مرعبة عن نفاد الغذاء والدواء وارتفاع أعداد الشهداء بسبب الجوع وسوء التغذية، في جريمة لم تشهد لها الإنسانية مثيلاً في العصر الحديث.

وفي أحدث ردّ دولي، عبّرت فرانشيسكا ألبانيزي، المقررة الخاصة المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية التابعة للأمم المتحدة، عن استنكارها الشديد لتجويع الفلسطينيين، قائلة في منشور مؤلم على منصة "إكس": "بعد 19 شهراً من عنف الإبادة و60 يوماً لم تدخل فيها حبة أرز واحدة إلى غزة، يُصوَّر الفلسطينيون وهم يتدافعون للحصول على الغذاء كأنهم يلهثون لالتقاط أنفاسهم… جوعكم اليوم هو عارنا".

وجاء هذا التصريح في وقت أعلن فيه مستشفى الرنتيسي بمدينة غزة عن استشهاد الطفلة جنان صالح السكافي جرّاء الجفاف وسوء التغذية، ما يرفع عدد ضحايا التجويع إلى 57 شهيداً منذ بدء الحرب، معظمهم من الأطفال، بالإضافة إلى كبار السن والمرضى، بحسب ما أفاد به المكتب الإعلامي الحكومي في القطاع.

وأكد البيان الرسمي أن الاحتلال يواصل "استخدام الغذاء كسلاح حرب" من خلال إغلاق جميع المعابر لليوم الثالث والستين على التوالي، ما يمنع دخول المواد الغذائية، والأدوية، وحليب الأطفال، والمكملات الغذائية. وشدّد على أن عدد الشهداء مرشح للزيادة "في ظل استمرار الجريمة وغياب أي تحرك دولي فعّال".

وفي السياق ذاته، حذرت منظمات إغاثة عاملة في غزة من كارثة وشيكة، إذ أفادت منظمة أوكسفام بأن العائلات بالكاد تؤمّن وجبة واحدة لأطفالها في اليوم، فيما أعلنت شبكة المنظمات الفلسطينية غير الحكومية عن احتمال توقف 70 مطبخاً مجتمعياً خلال أسبوع إذا استمر منع المساعدات.

أما المجلس النرويجي للاجئين فقد أطلق تحذيرًا مفزعًا: "إذا استمر الحصار، فإن الآلاف معرضون للموت والانهيار التام في النظام الإنساني". وأكد أن إنتاج الغذاء أصبح شبه مستحيل في ظل استهداف الزراعة والصيد، ما جعل سكان القطاع غير قادرين حتى على توفير احتياجاتهم الأساسية من الغذاء بأنفسهم.

ورغم هذه المعطيات الصادمة، لا يزال المجتمع الدولي عاجزًا عن اتخاذ إجراءات فعلية لكبح هذه الجريمة المستمرة. ويؤكد محللون أن الصمت الدولي، وغياب الضغوط الجادة على الاحتلال، يجعلان من الكارثة المتواصلة في غزة وصمة عار في جبين الإنسانية.