يواجه نشطاء المناخ مخاوف كبيرة مع بدء المفاوضات بين المحافظين والديمقراطيين الاجتماعيين في ألمانيا لوضع سياسة مناخية مشتركة لحكومتهم الائتلافية المقبلة. فقد كانت ألمانيا تُعتبر في وقتٍ ما نموذجًا يُحتذى به في مجال السياسات المناخية التقدمية، ولكنها الآن تستعد لتغييرات جذرية، حيث يسعى المحافظون - الذين يُرجعون جزئيًا ضعف الاقتصاد الألماني إلى الأهداف البيئية الطموحة - لتقليص الأهداف والسياسات وسط تزايد اللامبالاة بين الناخبين حيال القضايا المناخية.
تعدّ ألمانيا أكبر منتج لثاني أكسيد الكربون في أوروبا، وفي الوقت نفسه، تحتل المرتبة الأولى في إنتاج الطاقة المتجددة. لذا، فإن الموقف المستقبلي لألمانيا بشأن التغيرات المناخية سيكون له تأثير كبير، خصوصًا بعد انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس وتعرض الاتحاد الأوروبي لضغوط من بعض أعضائه لتخفيف القيود والأهداف.
وفي هذا السياق، أعربت لويزا نيوباور، الناشطة البارزة في حركة "أيام الجمعة من أجل المستقبل"، لرويترز بقولها: "إذا كان هناك وقت للقلق بشأن المناخ والسياسات البيئية، فهو الآن".
منذ فوزه في انتخابات فبراير، أكد حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي التزامه بهدف الحياد المناخي لعام 2045، إلا أنه يدعو إلى "نهج عملي يدعم الاقتصاد والصناعة والموافقة العامة"، حسبما صرح أندرياس يونغ، المتحدث باسم الحزب. ويرغب الحزب في إلغاء حظر بيع السيارات الجديدة التي تعمل بالبنزين والديزل، بالإضافة إلى التقليل من القيود المفروضة على استخدام السيارات، وإعادة النظر في قانون التخلص التدريجي من التدفئة بالوقود الأحفوري.
وفي هذا الإطار، يعتبر ناشطو المناخ أن مدى قوة دفاع الحزب الاشتراكي الديمقراطي عن التزاماته البيئية - بما في ذلك الأهداف الوطنية وأهداف الاتحاد الأوروبي، والاستثمار في البنية التحتية للطاقة المتجددة - سيكون جوهريًا في المفاوضات الائتلافية. وقد أكدت نينا شير، المتحدثة باسم الحزب الاشتراكي الديمقراطي، لرويترز على أهمية تطوير تفاهم مشترك مع المحافظين لتحقيق تحول سريع ومنهجي نحو مصادر الطاقة المتجددة، لكن هذا التعاون قد يكون تحديًا في ظل التراجع الملحوظ للحزب الاشتراكي الديمقراطي.
وقد حقق الحزب الاشتراكي الديمقراطي نتائج ضعيفة في الانتخابات، حيث حصل على 16.4٪ من الأصوات، وهو أسوأ أداء له على الإطلاق. وفقًا لستيفان مارشال، عالم السياسة بجامعة دوسلدورف، فإن "الحزب الاشتراكي الديمقراطي ليس حزبًا تقليديًا يهتم بقضايا المناخ مثل حزب الخضر، لذا لا ينبغي أن نتوقع منهم الدفع بشدة لهذه القضية".
بينما انخفضت انبعاثات الغازات الدفيئة في ألمانيا بنسبة 12.5٪ خلال فترة الائتلاف السابق بين الحزب الاشتراكي والخضر والديمقراطيين الأحرار، فإن التقدم في تقليص الانبعاثات في قطاعات مثل النقل والبناء - التي تمثل 38٪ من إجمالي الانبعاثات في ألمانيا لعام 2024 - قد توقف.
وفي خضم أزمة تكلفة المعيشة، يواجه توسيع سياسات الحياد المناخي مقاومة متزايدة في ألمانيا وأوروبا، مما أدى إلى تراجع أولوية حماية المناخ في اهتمامات الناخبين الألمان.