أفادت السلطات الهندية أن ما لا يقل عن 30 شخصًا لقوا مصرعهم وأصيب 60 آخرون بجروح نتيجة تدافع جماهيري خلال فعاليات مهرجان كومبه ميلا الكبير في الهند.
ووفقًا لهيئة الإذاعة البريطانية BBC، فإن مهرجان كومبه ميلا، أكبر مهرجان ديني في العالم وأكبر تجمع للبشرية. يجذب الحدث ملايين الحجاج الهندوس إلى ضفاف «الأنهار المقدسة»، حسب معتقداتهم.
ما هو كومبه ميلا؟
كومبه ميلا هو تجمع ديني يجذب عشرات الملايين من الحجاج الهندوس والباحثين الروحيين من الهند وجميع أنحاء العالم.
الحدث متجذر بعمق في الأساطير الهندوسية ويركز على الاعتقاد بقوة «الأنهار المقدسة المطهرة». يستحم الحجاج في هذه الأنهار، معتقدين أن الطقوس تطهر خطاياهم وتقربهم من التحرر الروحي.
يقام المهرجان بالتناوب بين أربعة مواقع رئيسية في الهند: براياجراج، وهاريدوار، وناشيك، وأوجاين. يرتبط كل موقع بـ«نهر مقدس» -وفقًا لمعتقداتهم- وهم: نهر الجانج، أو جودافاري، أو شيبرا shipra. يقام مهرجان كومبه ميلا كاملًا كل 12 عامًا في المدن الأربع.
مهرجان كومبه ميلا هو تقليد هندوسي قديم يُترجم اسمه إلى "مهرجان الإبريق" بالاعتماد على اللغة السنسكريتية. يشير "كومبه" إلى الإبريق الذي يحتوي على رحيق الخلود، حسب الموروث الأسطوري الهندوسي، بينما تعني "ميلا" التجمع أو المعرض.
تعود جذور المهرجان إلى أسطورة سامودرا مانثان، حيث خاضت الآلهة والشياطين معركة لاستخراج رحيق الخلود من محيط اللبن. طبقًا للأسطورة، تساقطت أربع قطرات من هذا الرحيق على أربعة مواقع في الهند، وهي نفسها الأماكن التي تحتضن الاحتفال بالمهرجان اليوم، مما يجعلها بقاعًا مقدسة.
**الغرض من الحضور إلى المهرجان:**
يجذب كومبه ميلا ملايين الزوار من مختلف الطبقات الاجتماعية، بدءًا من رجال الدين الهندوسي المعروفين بـ"سادهو"، وصولًا إلى العائلات والزوار المحليين والدوليين. على الرغم من أن الغالبية العظمى من المحتفلين هم هندوس، إلا أن أهمية الحدث تمتد لتشمل الباحثين عن فهم ثقافتها الروحية حتى ولو كانوا من أديان أخرى.
المهرجان يمثل فرصة لإعادة تجديد الذات روحانيًا، حيث يُعتقد أن الاستحمام في الأنهار المقدسة خلال المهرجان يغسل الذنوب ويحرر الشخص من دورة التناسخ، مما يقربه إلى حالة التحرر الروحي "موكشا". بالنسبة للكثيرين، زيارة كومبه ميلا تعد تجربة روحية تحدث مرة واحدة في حياتهم، حيث تجمع بين تعزيز الإيمان، التواصل الاجتماعي والانغماس في التقاليد الهندوسية.
**مدة المهرجان:**
يستمر كومبه ميلا لفترة تصل عادةً إلى حوالي 45 يومًا. في عام 2025، من المقرر أن ينطلق المهرجان في 13 يناير ويختتم في 26 فبراير بعد يوم "الاستحمام الملكي" الأخير. المواعيد والمدة يتم تحديدهما بدقة اعتمادًا على قراءات الفلكيين والسلطات الدينية.
**أنشطة وطقوس المهرجان:**
يعد الاستحمام الجماعي أو "شاهي سنان" السمة الأبرز للمهرجان، حيث يشارك علماء الدين والقديسون الهندوس، لا سيما "الناغا سادوس"، وهم زهاد متقشفون يغطون أجسادهم بالرماد كرمز للزهد والتخلي عن العالم المادي. بجانب الحمامات الطقسية، يشهد المهرجان مواكب دينية، مناقشات روحية، صلوات جماعية، وعروض فنية وثقافية.
إلى جانب ذلك، تُنصب معسكرات مؤقتة تنظمها المنظمات الدينية لتوفير الطعام والمأوى وتعليم الممارسات الروحية للمشاركين.
**حجم الحضور:**
كومبه ميلا هو تجمع غير مسبوق في حجمه عالميًا. في مهرجان ماها كومبه ميلا لعام 2025 بمدينة براياجراج، يُتوقع أن يصل عدد الزائرين إلى حوالي 400 مليون شخص خلال فترة الـ45 يومًا. تتوزع الحشود على مساحة شاسعة تمتد 12 كيلومترًا على ضفاف الأنهار المقدسة.
لإدارة هذه التجمعات الضخمة، تُستخدم وسائل مراقبة متعددة مثل كاميرات المراقبة وطائرات الدرون لقياس كثافة الجماهير ورصد الحشود في الوقت الفعلي. كما يُستخدم تحليل بيانات الهواتف المحمولة لتقدير الأعداد بناءً على الأجهزة النشطة داخل المنطقة.
**إدارة المهرجان:**
تنظيم كومبه ميلا يعتبر تحديًا هائلًا للسلطات نظراً لضخامته. يتم إنشاء مدينة مؤقتة مزودة بكافة البنى التحتية اللازمة لاستقبال الملايين من الزوار. تتوفر خدمات مثل المستشفيات المؤقتة، أنظمة الصرف الصحي، والنقل.
للتعامل مع الزحام المتوقع في نسخة 2025، سيتم تغطية مساحة تبلغ 4000 هكتار، مع تجهيز 160 ألف خيمة و150 ألف مرحاض و25 ألف سلة قمامة. كما سيتم تشغيل 67 ألف مصباح شارع وتخصيص أكثر من نصف مليون موقف للمركبات. سيكون هناك أيضًا 40 ألف شرطي لتأمين الحدث و15 ألف عامل صرف صحي للحفاظ على النظافة.