شارك الدكتور بدر عبدالعاطي، وزير الخارجية والهجرة، في جلسة حوارية ناقشت التطورات الإقليمية والدولية. نظّم هذه الجلسة مركز جنيف للسياسات الأمنية GCSP، وذلك اليوم الثلاثاء.
استعرض وزير الخارجية رؤية استراتيجية متكاملة حول موقف مصر إزاء التفاعلات والمتغيرات الجيوسياسية في الإقليم وما يرتبط بها من تطورات تؤثر على الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي. تناول في كلمته الدور المحوري الذي قامت به مصر بالتعاون مع قطر والولايات المتحدة لتحقيق اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الرهائن والأسرى في قطاع غزة، مشدداً على أهمية ضمان التزام الأطراف كافة ببنود الاتفاق بمختلف مراحله. كما أعرب عن أمله في أن يمثل الاتفاق خطوة نحو تخفيف معاناة الشعب الفلسطيني وضمان وصول المساعدات الإنسانية بسرعة ودون عقبات إلى جميع مناطق غزة.
أكد الوزير عبدالعاطي على الأهمية البالغة لدور وكالة الأونروا، مشيراً إلى أنه لا يمكن الاستغناء عنها أو إيجاد بديل يعوضها. وأوضح أن إنهاء دورة العنف لن يتحقق إلا من خلال حل سياسي شامل يقوم على أساس حل الدولتين، وهو الطريق الوحيد لضمان السلام والاستقرار في المنطقة. شدد أيضاً على ضرورة إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات تواصل جغرافي على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، مع التأكيد على وحدة الأراضي الفلسطينية وعدم الفصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة باعتبارهما كياناً واحداً.
تناولت المداخلة كذلك تطورات الأوضاع في سوريا، حيث استعرض وزير الخارجية ثوابت الموقف المصري ودعم القاهرة المستمر للشعب السوري. شدد على أهمية الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية، ووحدة أراضيها وسلامتها، مع احترام استقلالها وسيادتها الوطنية. كما دعا إلى إطلاق عملية سياسية شاملة لا تُقصي أي مكون من مكونات المجتمع السوري وتعبر عن تنوعه.
وفي سياق آخر، رحب الوزير بالحلول السياسية في لبنان، ولا سيما انتخاب الرئيس جوزيف عون رئيساً جديداً بعد فترة طويلة من الفراغ الرئاسي، وتعيين نواف سلام رئيساً للحكومة. اعتبر هذه الخطوات ضرورية لتعزيز المؤسسات الوطنية اللبنانية، ودعا إلى التنفيذ الكامل لوقف إطلاق النار، بما يتضمن انسحاب إسرائيل الكامل من الأراضي اللبنانية.
أشار وزير الخارجية في ختام كلمته إلى التحديات غير المسبوقة التي تواجه مصر وسط محيطها الإقليمي المضطرب، موضحاً الأعباء الكبيرة التي تحملها الاقتصاد المصري بفعل هذه التطورات، وخاصة التأثير على حركة الملاحة في البحر الأحمر وقناة السويس. أكد مجدداً أن الأزمات الإقليمية لا يمكن حلها بالوسائل العسكرية، مشيراً إلى تطلع مصر الدائم لتحقيق الاستقرار والتنمية في المنطقة.
انتقد الدكتور عبدالعاطي سياسة المعايير المزدوجة، محذراً من تأثيرها السلبي على مصداقية العمل متعدد الأطراف، القانون الدولي الإنساني، حقوق الإنسان، وقدرتهم على تحقيق العدالة المنشودة. وأكد على رفض مصر لاستراتيجية الاستقطاب، مشيراً إلى حرصها الدائم على بناء جسور التعاون بين الدول والمجموعات الجغرافية المختلفة، باعتبار ذلك أحد المبادئ الراسخة في السياسة الخارجية المصرية. يهدف هذا النهج إلى تعزيز روح التعاون وترسيخ التطلعات المشتركة بين أعضاء المجتمع الدولي.
فيما يخص العمل متعدد الأطراف، شدد وزير الخارجية على ضرورة إعادة النظر في هيكل بعض المؤسسات والهيئات الدولية لضمان أن تصبح أكثر شمولية وتعبيراً عن مصالح الدول النامية. ودعا إلى إصلاح مجلس الأمن وتوسيع عضويته، بالإضافة إلى تعديل النظام المالي الدولي بما يواكب احتياجات الدول النامية والمجتمعات المختلفة. كما أكد أهمية العمل على تعزيز عدالة النظام التجاري العالمي ليحقق تكافؤاً حقيقياً.
وتطرقت مداخلة وزير الخارجية أيضاً إلى استعراض محددات الموقف المصري تجاه التطورات في منطقة القرن الأفريقي، البحر الأحمر، وقضايا الأمن المائي التي تمثل أولوية استراتيجية لمصر.