الكاتبة : آية عادل

في إطار تنفيذ توجيهات الدكتور خالد عبدالغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة والسكان، أجرت الدكتورة عبلة الألفي، نائب وزير الصحة والسكان لشؤون السكان والأسرة، جولة ميدانية موسعة في محافظة الإسكندرية، ركّزت خلالها على دعم جهود الرعاية الصحية الأولية، ومتابعة أداء الوحدات الصحية، إلى جانب بحث آليات التعامل مع الارتفاع الكبير في معدلات الولادة القيصرية في القطاع الخاص بالمحافظة.

بدأت الجولة بتفقد وحدة طب أسرة الذراع البحري بالكيلو 21، بمرافقة الدكتور محمد بدران، مدير مديرية الشؤون الصحية، وعدد من مسؤولي القطاع. وخلال الزيارة، أكدت نائب الوزير على أهمية الالتزام بقياس نمو وتطور الأطفال بدقة، باستخدام أدوات القياس الصحيحة وتوثيق البيانات على مخطط النمو المرفق بالبطاقة الصحية، لضمان متابعة الحالة الصحية بشكل سليم، وكشف أي علامات خطر مبكرًا.

كما شددت الدكتورة الألفي على ضرورة توحيد إجراءات القياس في كافة الوحدات الصحية وغرف المشورة الأسرية، وربطها إلكترونيًا بنظام المبادرة الرئاسية "الألف يوم الذهبية" عبر السجل الصحي الموحد، مع التأكيد على توفير الأجهزة والمعدات اللازمة، مثل جهاز مقياس الطول (Stadiometer)، لضمان جودة القياسات ودقتها.

وخلال متابعة الأداء في بعض الوحدات الأخرى، تم رصد قصور واضح في وحدتي البيطاش والهانوفيل، خصوصًا في متابعة حالات الحمل الخطر، إلى جانب عدم استدعاء الحالات لإعادة المناظرة من قبل الأطباء المختصين، وغياب عنصر التثقيف الصحي والمشورة الأسرية. ووجهت نائب الوزير بإجراء مناظرة فورية للحالات ومتابعتها وفق بروتوكولات الوزارة المعتمدة، مع تعزيز الإشراف على تلك الوحدات.

وفي سياق متصل، عقدت الدكتورة عبلة الألفي اجتماعًا تنسيقيًا مع عدد من مؤسسات القطاع الصحي غير الحكومي، بحضور مدير المديرية، والدكتور محمد أنسي نقيب صيادلة الإسكندرية، لمناقشة تنفيذ القرار الوزاري المنظم للولادات القيصرية في المستشفيات الخاصة. وكشف الاجتماع عن ارتفاع مقلق في معدلات الولادات القيصرية بالإسكندرية إلى 88%، وفقًا لاستبيان حديث، على الرغم من الجهود التوعوية المبذولة منذ عام 2022.

وأكدت نائب الوزير أن هذا المعدل يُعد قضية صحية وأمن قومي، نظرًا لارتباط الولادات القيصرية غير المبررة بمضاعفات صحية خطيرة للأمهات والأطفال. وأوضحت أن هذه العمليات تزيد من خطر الإصابة بالتوحد بنسبة 3 أضعاف، كما تُسهم في ارتفاع معدلات السمنة وأمراض الجهاز التنفسي، مثل الربو، بالإضافة إلى تزايد حالات دخول الأطفال للحضانات بسبب عدم نضوج الرئة.

وشددت الدكتورة الألفي على أن قرار الولادة القيصرية غالبًا ما يُتخذ مسبقًا في العيادات الخاصة دون مبرر طبي واضح، مما يستوجب تشديد الرقابة من قبل إدارة العلاج الحر، وتفعيل آليات المحاسبة على أي تجاوزات. كما دعت إلى استخدام الأدلة الاسترشادية المصرية (Egyptian Guidelines) كمرجع إلزامي لجميع الأطباء، مع تطبيق أدوات تقييم دقيقة مثل البارتوجرام وتصنيف روبسون في كل حالة.

وانتهى الاجتماع بعدد من التوصيات الحاسمة، منها تشكيل لجان فنية من أساتذة الجامعات والاستشاريين لمراجعة ملفات الولادة دوريًا، والتشديد على ضرورة تدريب الكوادر الطبية على أسس اتخاذ القرار السليم للولادة. كما تم التحذير من تسجيل الولادة القيصرية على أنها طبيعية في إخطار الولادة، واعتبار ذلك تزويرًا رسميًا يستوجب المساءلة القانونية.

وأوصت نائب الوزير بتوفير بيئة داعمة للولادة الطبيعية داخل المستشفيات الخاصة، من خلال تجهيز غرف ولادة منفصلة، وتوفير جهاز تخطيط قلب الجنين (CTG)، إلى جانب تمكين خيارات "الولادة بدون ألم" من خلال أطباء تخدير مؤهلين، ودراسة إمكانية إعادة استخدام غاز أكسيد النيتروز كوسيلة مساعدة للحد من الألم.

من جانبها، منحت الوزارة مهلة زمنية لا تتجاوز 15 يومًا للمؤسسات الخاصة لتوفيق أوضاعها وتطبيق المعايير المطلوبة، مع توفير برامج تدريب مكثفة للأطباء والممرضين. وقد بدأ تنفيذ هذه الخطوات بالفعل، حيث تم تدريب 5 أطباء كمدربين رئيسيين في الإسكندرية، بالتعاون مع الغرفة التجارية، للمساهمة في تحسين الرعاية الصحية السابقة للولادة وتفعيل الممارسات الآمنة.

وفي ختام الجولة، صرح الدكتور حسام عبدالغفار، المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة، أن هذه الجهود تأتي ضمن خطة متكاملة للحد من الولادات القيصرية غير الضرورية، وتحقيق أعلى معدلات الأمان للأمهات والأطفال، بالاعتماد على الأدلة العلمية الحديثة التي أقرها المجلس الصحي المصري، وعلى رأسها البارتوجرام وتصنيف روبسون كأدوات مرجعية لاتخاذ القرار الصحيح في الوقت المناسب.