حصلت «المصري اليوم» على تفاصيل التحقيقات الجارية في قضية سرقة «إسورة ذهبية» من داخل المتحف المصري في القاهرة، بعد أن تبين أن المتهمة الرئيسية موظفة تعمل أخصائية ترميم داخل المتحف، استغلت وظيفتها ونفذت جريمتها بأسلوب «المغافلة»، قبل أن تسلم القطعة لتاجر فضة في حي السيدة زينب وتبيعها مقابل مبلغ مالي.
تفاصيل سرقة إسورة ذهبية أثرية من داخل المتحف المصري بالقاهرة
التحقيقات التي تجريها نيابة وسط القاهرة الكلية، تحت إشراف المستشار أحمد صبيح، المحامي العام الأول، كشفت أن المتهمة الأولى وتُدعى «أسماء»، وهي في الأربعينات من عمرها وتعمل أخصائية ترميم، اعترفت بأنها استولت على القطعة الذهبية من داخل المتحف، ثم عمدت إلى بيعها كي تسدد ديونًا متراكمة عليها، مؤكدة أنها لجأت إلى تلك الخطوة لأنها «مريضة» وتواجه ضغوطًا مالية.
وفق التحقيقات، فإن المتهمة «أسماء» لم تحتفظ بالقطعة الأثرية طويلًا، إذ سارعت بالذهاب إلى جارها في السيدة زينب، وهو تاجر فضة مسن يُدعى «فهيم»، يبلغ من العمر 75 عامًا، ويمتلك محلًا لبيع وشراء الفضة المستعملة.
التاجر اعترف أمام النيابة بأن المتهمة جاءت إليه وهي تحمل الإسورة الذهبية، وزعمت أنها ملك لوالدتها المتوفاة منذ نحو 20 عامًا، موضحًا أنه أخبرها بضرورة «معايرة القطعة» لمعرفة العيار الحقيقي للذهب، لكنه أشار إلى وجود فص في منتصف الإسورة لا يدخل في البيع، فطلبت منه «أسماء» إحضار زردية وقامت بتحطيم الفص بالكامل.
اعترافات موظفة ترميم بالاستيلاء على قطعة أثرية وبيعها لتاجر فضة في السيدة زينب
وحسب التحقيقات، بعد وزن القطعة، تبيّن أن وزنها يصل إلى 37 جرامًا، إذ ذكر المتهم الثانى «فهيم» أنه أخبرها بأنه سيأخذ عمولته المعتادة، لكنه بحاجة إلى استخراج شهادة بالعيار من محل ذهب متخصص لأن القطعة بلا دمغة، ورغم نفيه معرفته بأنها قطعة أثرية، فقد أكدت تحريات المباحث أنه كان على دراية بأنها مسروقة، ولهذا السبب، قررت النيابة العامة حبسه 4 أيام احتياطيًا على ذمة التحقيقات، على أن يُنظر في تجديد الحبس أمام قاضي المعارضات، اليوم الأحد.
التحقيقات أظهرت أن «أسماء» باعت الإسورة لتاجر الفضة مقابل 180 ألف جنيه، أنفقت منها 20 ألفًا فقط، استخدمتها لسداد ديون عاجلة، بينما احتفظ بالباقى، وذكرت المتهمة أن الظروف الصحية والمالية الصعبة هي ما دفعتها لارتكاب الواقعة.
مصادر أمنية قالت لـ«المصرى اليوم»، إن فريق المباحث توجّه إلى منزل التاجر «فهيم» للبحث عن بقايا الفص الذي تم تكسيره من الإسورة، لكنهم لم يعثروا على شيء.
بحسب التحقيقات، لم تتوقف عملية البيع عند هذا الحد، فقد اعترف «فهيم» بأنه لم يتصرف في القطعة بنفسه، بل قام ببيعها لتاجر ذهب آخر يُدعى «محمود.إ»، والذي بدوره باعها إلى تاجر رابع «محمد.ج».
وبينت التحقيقات أن التاجرين الثالث والرابع دخلا على الخط بطريقة «الوساطة»، حيث اشتريا الإسورة من المتهم الثاني بالسعر المتعارف عليه في السوق، في البداية، اعتقدا أن عيارها 21، لكن بعد استخراج شهادة بالمعايرة من الصاغة تبين أن القطعة عيار 23، وهو ما رفع ثمنها قليلًا.
التحقيقات أوضحت أن «محمود.إ» و«محمد.ج» لم يكونا على دراية بأنها قطعة أثرية أو مسروقة من المتحف، بل اعتقدا أنها قطعة ذهب عادية، وبناء على ذلك، قررت النيابة العامة إخلاء سبيلهما بكفالة مالية قدرها 10 آلاف جنيه لكل منهما على ذمة التحقيقات.
في التحقيقات، قال المتهم الثالث «محمود.إ» إنه اشترى الإسورة من التاجر «فهيم» مقابل 177 ألف جنيه، ثم بعد أن تبيّن أن العيار 23 دفع له 3 آلاف أخرى، ليصبح المبلغ الإجمالي 180 ألف جنيه، وأضاف أن دوره اقتصر على نقل القطعة إلى المتهم الرابع، الذي اشتراها منه بمبلغ 190 ألف جنيه.
وبذلك، حقق المتهم الثاني ربحًا قدره 10 آلاف جنيه تقريبًا من تلك الصفقة، وأكد المتهمان الثالث والرابع أن العملية كلها تمت وفق أسعار السوق في ذلك التوقيت، وبنسبة العمولة المعتادة، وأنه لو كانت لديهما أي شبهة بأنها مسروقة، لعرضا شراءها بسعر أقل كثيرًا من قيمتها الحقيقية.
النيابة العامة تحبس المتهمة الرئيسية بسرقة الإسورة الأثرية 15 يومًا على ذمة التحقيق
انتهت النيابة العامة، إلى قرارتها بحبس المتهمة الرئيسية «أسماء» 15 يومًا على ذمة التحقيقات منذ الخميس الماضي، وحبس التاجر «فهيم» 4 أيام، مع تجديد الحبس الاحتياطي اليوم الأحد، كما أمرت بإخلاء سبيل المتهمين الثالث والرابع بكفالة مالية قدرها 10 آلاف جنيه لكل منهما.
وكلفت النيابة أجهزة الأمن باستكمال التحريات عن ملابسات الواقعة، والبحث عن مصير «الفص» الذي تم تكسيره من الإسورة، والذي لم يتم العثور عليه حتى الآن.
مصادر مسؤولة كشفت لـ«المصرى اليوم» أن هناك اسمًا جديدًا ظهر في التحقيقات، وهو «ف»، مهندس ترميم يعمل بالمتحف المصري، جارٍ التحري عن علاقته بالواقعة، وأوضحت المصادر أن المباحث ما زالت تفحص دوره المحتمل وما إذا كان على علم بخطة المتهمة الأولى أو ساعدها بأي شكل.
ومن المقرر، أن تواصل النيابة العامة التحقيق مع المتهمين خلال الأيام المقبلة، على أن تُعرض القضية على المحكمة عقب استكمال أوراقها.