الكاتبة : أمل شريف

أدى تخفيض وكالة موديز للتصنيف الائتماني السيادي للولايات المتحدة إلى زيادة المخاوف بين المستثمرين من خطر دين وشيك قد يؤدي إلى دفع مراقبي سوق السندات نحو المطالبة بضبط مالي أكبر من واشنطن. حيث خفضت وكالة التصنيف الائتماني تصنيف السيادة الأمريكية درجة واحدة يوم الجمعة، لتكون بذلك آخر وكالة كبرى تتخذ هذه الخطوة، مشيرة إلى القلق المتزايد بشأن الدين الوطني الذي بلغ 36 تريليون دولار.

تأتي هذه الخطوة في وقت يسعى فيه الجمهوريون، المسيطرون على الكونغرس، إلى تمرير حزمة شاملة تشمل تخفيضات ضريبية وزيادات في الإنفاق وتخفيضات في برامج الأمان الاجتماعي، وهو ما قد يضيف تريليونات إلى الدين العام للولايات المتحدة. ويعيش المستثمرون حالة من القلق بشأن نتائج ما يُعرف بـ "مشروع القانون الكبير الجميل"، رغم وجود بعض التفاؤل بشأن التجارة. ورغم ذلك، فشل المشروع في تجاوز عقبة رئيسية في الجمعة الماضية، على الرغم من دعوات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للوحدة حول التشريع. وأكدت كارول شليف، كبيرة استراتيجيي السوق في شركة "هو"، أن سوق السندات يراقب عن كثب الأحداث في واشنطن هذا العام، مشيرة إلى أن تخفيض موديز قد يزيد من حذر المستثمرين.

بينما يتباحث الكونغرس حول "مشروع القانون الضخم والجميل"، سيبذل مراقبو السندات جهوداً كبيرة لدعمه بنهج مالي مسؤول، حيث يتوقعون أن تعاقب مستثمري السندات السياسات غير الحكيمة من خلال زيادة تكاليف الاقتراض على الحكومات.

وفي هذا السياق، أوضح سبنسر حكيميان، مؤسس شركة تولو كابيتال مانجمنت في نيويورك، أن تخفيض التصنيف الائتماني من موديز، والذي جاء بعد خطوات مشابهة من وكالتي فيتش وستاندرد آند بورز، من شأنه أن يؤدي في النهاية إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض للقطاعات العامة والخاصة في الولايات المتحدة.

من جانبه، أفاد جينادي غولدبرغ، رئيس استراتيجية أسعار الفائدة الأمريكية في تي دي سيكيوريتيز، بأن خفض التصنيف الائتماني من غير المحتمل أن يؤدي إلى عمليات بيع قسرية من الصناديق التي تقتصر على الاستثمار في الأوراق المالية ذات التصنيف الأعلى، حيث قامت معظم الصناديق بتحديث إرشاداتها بعد تخفيض ستاندرد آند بورز. وأضاف غولدبرغ أن هذا التطور قد يعيد تركيز انتباه السوق نحو السياسة المالية ومشروع القانون الجاري التفاوض عليه حالياً في الكونغرس.

يطرح سكوت كليمونز، كبير استراتيجيي الاستثمار في شركة براون براذرز هاريمان، تساؤلاً عن مدى استعداد الكونغرس للتضحية بالمبادئ المالية، مشيراً إلى أن أي مشروع قانون يُظهر إنفاقاً مفرطاً قد يثني المستثمرين عن شراء سندات الخزانة الطويلة الأجل.

من ناحية أخرى، تقدر لجنة الموازنة الفيدرالية المسؤولة، وهي مؤسسة بحثية غير حزبية، أن مشروع القانون قد يُضيف نحو 3.3 تريليون دولار إلى الدين العام بحلول عام 2034، وقد يصل المبلغ إلى 5.2 تريليون دولار إذا تم تمديد الأحكام المؤقتة.

وأشارت موديز يوم الجمعة إلى أن الإدارات المتعاقبة فشلت في عكس اتجاه تصاعد العجز المالي وتكاليف الفائدة، ولا تتوقع أن تؤدي المقترحات المالية الحالية إلى تخفيضات ملحوظة في العجز.

يتجلى القلق في الأسواق المالية، حيث أشار أنتوني وودسايد، رئيس استراتيجية الدخل الثابت في شركة ليغال آند جنرال لإدارة الاستثمارات الأمريكية، إلى أن الزيادة الأخيرة في علاوة سندات الخزانة لعشر سنوات - وهي مقياس لعائد الطلب من قبل المستثمرين على مخاطر الاحتفاظ بالديون طويلة الأجل - تعكس جزئياً القلق المالي الكامن في السوق. وأضاف وودسايد أن السوق "لا يولي أهمية كبيرة" لخفض العجز بشكل ملموس.