الكاتبة : آية عادل

أكدت الدكتورة حنان حسن بلخي، المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، خلال مؤتمر صحفي عقد اليوم، أن المنطقة تواجه تحديات صحية "كارثية"، وسط تصاعد الأزمات الإنسانية في غزة والسودان واليمن، داعية إلى تحرك دولي عاجل لاحتواء الوضع ومنع مزيد من الانهيار في النظم الصحية.

كارثة صحية وإنسانية في غزة

قالت بلخي إن المنظمة تشعر بقلق "عميق" إزاء الوضع في قطاع غزة، حيث تم تسجيل أكثر من 52 ألف حالة وفاة وقرابة 120 ألف إصابة حتى الآن. وأشارت إلى أن آلاف العاملين في القطاع الصحي قد قُتلوا أو أُصيبوا أو تم احتجازهم، بينما تكافح المستشفيات القليلة المتبقية لتقديم الحد الأدنى من الخدمات.

وأوضحت أن الإمدادات الطبية الحيوية ما زالت ممنوعة من دخول القطاع رغم الحاجة الملحَّة لها، مضيفةً أن الحصار الشامل المستمر منذ 9 أسابيع يفاقم الأزمة، لا سيما مع اقتراح السلطات الإسرائيلية بإلغاء نظام توزيع المساعدات الذي تقوده الأمم المتحدة، وتطبيق نظام جديد يخضع لشروط الجيش الإسرائيلي.

وأكدت أن منظمة الصحة العالمية "لن تكون طرفًا في أي مبادرة تنتهك المبادئ الإنسانية"، مشددةً على أن إنهاء الحصار هو السبيل الوحيد لإنقاذ أرواح المدنيين.

مجاعة وشيكة وأرقام مروعة

كشفت بلخي عن تحليل حديث أجرته مبادرة "التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي"، أفاد بأن جميع سكان غزة، البالغ عددهم 2.1 مليون نسمة، يواجهون نقصًا مزمنًا في الغذاء، وأن نصف مليون شخص تقريبًا يعانون من المجاعة. كما يعاني 75% من السكان من مستويات "طارئة" أو "كارثية" من انعدام الأمن الغذائي.

وحذرت من أن المجاعة لم تُعلن رسميًا بعد، لكن الناس يتضورون جوعًا بالفعل، والأمراض تنتشر بسرعة، داعية إلى تحرك عاجل لمنع التدهور السريع للوضع.

الأزمة الصحية في اليمن

وفي اليمن، أسفرت الغارات الجوية الأخيرة عن مقتل أو إصابة أكثر من 1000 شخص، وسط استمرار الهجمات على المرافق الصحية. وتشهد البلاد إحدى أكبر فاشيات الكوليرا في العالم، حيث تم تسجيل أكثر من 270 ألف حالة وقرابة 900 وفاة خلال العام الماضي.

السودان يواجه أسوأ أزمة جوع في العالم

أما في السودان، فقالت بلخي إن البلاد تشهد أسوأ أزمة جوع في العالم من حيث الحجم، حيث يُتوقع أن يواجه نحو 24.6 مليون شخص مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي هذا الشهر، من بينهم 770 ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد الوخيم.

كما لفتت إلى أن أكثر من 400 ألف شخص فروا من أعمال العنف في مخيمات الفاشر وزمزم، مؤكدة استمرار الدعم الإنساني من منظمة الصحة العالمية عبر 136 مركزًا إسعافيًّا تغذويًّا، وعمليات تسليم مستمرة للإمدادات الطبية.

العاملون الصحيون في خطر

أشارت بلخي إلى أن الهجمات على المرافق الصحية في إقليم شرق المتوسط بلغت 61% من إجمالي الهجمات العالمية هذا العام، وأن أكثر من 80% من تلك الهجمات استهدفت العاملين الصحيين.

ورغم أن طواقم التمريض تشكِّل نحو 50% من القوى العاملة الصحية، إلا أن الكثافة الحالية لا تتجاوز 15.5 ممرضًا لكل 10,000 شخص، ما يمثل تحديًا كبيرًا في تقديم رعاية صحية آمنة، خصوصًا في مناطق النزاعات.

نقص التمويل يهدد بوقف الخدمات الأساسية

قالت بلخي إن منظمة الصحة العالمية لم تتلقَّ سوى 7% من التمويل اللازم للاستجابة لحالات الطوارئ في الإقليم لعام 2025، وهو ما يعرض ملايين الناس للخطر ويهدد بإغلاق مرافق صحية، وحرمان اللاجئين والنازحين من الرعاية العاجلة والأدوية والدعم النفسي.

كما تأثرت أنظمة الترصد وكشف فاشيات الأمراض، مما يزيد من خطر تفشي الأوبئة دون قدرة على احتوائها.

اتفاق الجوائح وتطلعات مستقبلية

أعلنت بلخي أن الاتفاق الدولي بشأن الوقاية من الجوائح والاستجابة لها سيُعرض للاعتماد في جمعية الصحة العالمية الثامنة والسبعين الأسبوع المقبل، بعد ثلاث سنوات من التفاوض. ويهدف الاتفاق إلى تعزيز التعاون الدولي، وضمان استجابة عادلة وفعالة لأي جائحة مستقبلية، عبر توفير أنظمة صحية قوية وتمويل مستدام وتوزيع عادل للتكنولوجيا والموارد.

نشر جديد حول غزة

وفي ختام كلمتها، أعلنت بلخي عن نشر الجزء الثاني من العدد الخاص للمجلة الصحية لشرق المتوسط حول المخاطر الطبية والآثار الصحية للحرب في غزة، والمتاح عبر الموقع الرسمي للمكتب الإقليمي للمنظمة.