الكاتبة : أمل شريف
يعمل لويس إنريكي، مدرب باريس سان جيرمان، على إعادة تشكيل هوية الفريق بهدوء وثقة، وذلك في إطار الاستعداد لمباراة إياب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا ضد أرسنال. المدرب الإسباني، الذي حقق نجاحات ملحوظة مع برشلونة والمنتخب الإسباني، شهد تحولًا مميزًا في فلسفته التدريبية بالعاصمة الفرنسية، حيث يقوم على مبدأ أن الفريق هو الأهم، وأن الفرد لا يمكن أن يتفوق على الجماعة.
تسعى باريس سان جيرمان الآن لبلوغ نهائي دوري أبطال أوروبا، بعد تحقيقه فوزًا مهمًا 1-0 في مباراة الذهاب التي أُقيمت على ملعب الإمارات، حيث ظهرت فعالية الانضباط الجماعي بشكل ملفت.
انضم إنريكي إلى باريس سان جيرمان في الموسم الماضي تحت شعارٍ واضح: "لا مكان للتفرد". في نادٍ اعتاد على تألق النجوم كزلاتان إبراهيموفيتش ونيمار وليونيل ميسي وكيليان مبابي، كانت رغبته في بناء فريق يتجاوز النجم الأوحد أمرًا غير متوقع، خاصة بعد البداية الصعبة للفريق في دوري أبطال أوروبا.
وقد أثارت سلسلة الأداء غير المقنع في المرحلة الافتتاحية تساؤلات عديدة حول مدى النجاح الذي يمكن أن تحققه فلسفة إنريكي في ظل هيمنة الأسماء الكبيرة على التماسك التكتيكي. ومع ذلك، فإن الأشهر اللاحقة أثبتت أن هذه الاستراتيجية أثمرت. فقد أصبح باريس سان جيرمان واحدة من أكثر الفرق في أوروبا تماسكًا وانضباطًا.
ترتكز عودة الفريق إلى توازن كبير بين الدفاع والهجوم، مع التركيز على الضغط ككتلة واحدة. وقد تجلى هذا في خط الوسط، الذي تحول من نقطة ضعف إلى عنصر قوي في الفريق بفضل أداء منضبط ومترابط.
يُعتبر خفيتشا كفاراتسخيليا رمزًا رئيسيًا لهذا التحول، حيث تُظهر مرونته وقدرته على التكيف بين الأدوار هجومية ودفاعية التوجه الجماعي الذي يتبناه إنريكي. إن كفاراتسخيليا، بقدراته الفائقة، أضفى عنصرًا من عدم التنبؤ على طريقة لعب الفريق، مما ساهم في نجاحهم في المنافسات الأوروبية.
كما أن التزام إنريكي بالعمل الجماعي يمثل تحولًا ثقافيًا أوسع داخل النادي. فقد تم استبدال الاعتماد السابق على النجومية الفردية، الذي ميز فترة الاستثمار القطري، بنظام يُحدد فيه دور كل لاعب بوضوح ضمن إطار تكتيكي شامل.
بينما قدم اللاعبون مثل إبراهيموفيتش ونيمار وميسي لحظات تاريخية، فإن قيادة إنريكي تشير إلى انتهاء عهد تصميم الفرق حول نجم واحد.
ومن المثير للاهتمام أن إنريكي كان قد تنبأ بهذا التحول العام الماضي، حيث أشار في تصريحات سابقة إلى تركيزه على بناء فريق أكثر تماسكًا للموسم المقبل. والآن، يبدو أن هذه الرؤية قد بدأت تؤتي ثمارها.
ومن المفارقات أنه بفضل هذا النهج الجماعي، قد يتمكن باريس سان جيرمان من إنتاج الفائز التالي بجائزة الكرة الذهبية، حيث يبرز عثمان ديمبيلي، الذي ازدهر تحت قيادة إنريكي في بيئة تعتمد على الانضباط والعمل الجماعي، كمرشح محتمل للفوز بأحد أرقى الجوائز الفردية في عالم كرة القدم، وهو انعكاس مثير لنادٍ يمر بمرحلة من التحول الهادئ.